عبرانيين 2-10

آية 10: "لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ،  أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ."

لاَقَ = هذه تفيد أن عمل الفداء كان هو منتهى المناسبة، لائق بعظمة الله ومحبته وسعة قلبه ورحمته وأبوته الحانية ، وليس الحب فقط بل وحكمة الله.

* فلقد ظهر بالصليب معنى أن الله محبة "ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15: 13)، فلقد رأينا صورة ناطقة لمعنى الحب وبذل الذات حتى آخر نقطة دم.

* وما حصلنا عليه من خلاص ومصالحة وبر يشهد لحكمة الله التي تفوق الحد، فلقد رأينا على الصليب صورة عجيبة لكيفية حل مشكلة إتفاق عدل الله ورحمته في وقت واحد، وهذا ما عبَّر عنه المرنم في قوله "الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما" (مز85: 10) مع ملاحظة أن كلمتى العدل والبر هما كلمة واحدة في العبرية. فمن العدل أن يتم تنفيذ حكم الموت في الخاطئ، ومن الرحمة أن يعفو الله عن الخاطئ. وكان الصليب هو الحل إذ حمل المسيح ابن الله العقوبة عنا.

* وكان من اللائق أن الله لا يترك خليقته التي خلقها لتحيا وتفرح وإذ بها تموت، فيفشل قصد الله. فكان تدبير خلاصه للجنس البشرى ليقود أناساً كثيرين للمجد.

مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ = الله هو الذي صنع كل شيء لمجد اسمه (إش43: 7)، هو غاية كل شيء، هو العلة الوحيدة لكل ما هو موجود. وكل موجود موجود به وله. هو يوجه كل الأشياء إلى نهايتها وكمالها لمجد اسمه. فكان قصد الله أنه يخلق الإنسان ليحيا أبديا في مجده ، فيعكس الإنسان مجد الله فيه. فهل كان من اللائق أنه بعد أن يخلق الإنسان يتركه ليموت للأبد. وكان ما عمله المسيح أنه أعاد للإنسان صورة المجد بجسد ممجد على صورة جسد مجده (فى3: 21) فيتحقق قصد الله في أن يعكس الإنسان صورة مجد الله (1يو3: 2) نحن سنعكس مجده لأننا سنراه كما هو.

وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ = لم يتركنا للموت بل جددنا بإبنه بأن سمح بآلام ابنه وموته.

بِأَبْنَاءٍ = هو ابن ونحن أبناء لكن هو يُخَلِّص ونحن به نَخْلُص. هو ابن بالطبيعة ونحن أبناء بالتبنى، نحن صرنا أبناء فيه وسنستمر أبناء إن ثبتنا فيه (يو15: 4).

يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ = أي أن المسيح صار كواحد من البشر تمامًاً حينما إحتمل الآلام. فالآلام صارت من نصيب البشر بسبب الخطية. ويمكن لنا أن نقول بلغة القداس الغريغوري "أنا إختطفت لي قضية الألم" بخطيتى، والمسيح حتى يشابهنا في كل شيء إحتمل الآلام هو أيضاً، بل هو في ألامه بلغ أكملها لتعادل ما وصل إليه الإنسان من بشاعة بسبب خطيته. هو إستكمل الآلام اللائقة بخلاصنا. وكمال ألامه إرتد علينا بكمال تقديسنا وبه صرنا مكملين (عب12:10–14). رَئِيسَ = علة وأساس خلاصنا بصليبه.

المسيح يكمل بالآلام ليصير شبيه بالإنسان المتألم تمامًاً.

ويسمح بالآلام لنا لنكمل ونتنقى فنصير شبهه وعلى صورته (غل19:4) + (1بط6:1، 7 + 1:4). فنحن ورثنا إنسانا عتيقا داخلنا ميالا للشر والخطية، والله في محبته يؤدبنا كما يؤدب الأب الحنون ابنه. فالآلام وسيلة لتقويم نفوسنا المتمردة، التي تريد أن تفعل إرادتها رافضة لوصايا الله، ووصايا الله هي التي تقودنا للحياة. وكلما تأدبنا نتنقى فنقترب من صورة المسيح البار النقى. وهذا معنى "إلبسوا الرب يسوع المسيح" (رو13: 14).

المسيح يكمل بالآلام ليشابهنا في كل شيء حتى الآلام. فالآلام تقع على الإنسان كنتيجة للخطية، والمسيح بلا خطية، فما كان له أن يتألم. ولكنه اختار أن يتألم ليشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها. ونحن نتألم لكي نتكمل (1بط4 : 1) فنشبهه في قداسته.

 

المصدر: موقع الانبا تكلا