عبرانيين 4-12

لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ."

في آية (11) قال الرسول فلنجتهد. وقد يتساءل إنسان لماذا نجتهد فيجيب الرسول هنا بأن كلمة الله لها خطورتها فهو وَعَدَ بالراحة ووعده لا بُد سيتم، كلمته لها هيبتها والله يعلم خبايا النفوس. وكلمة الله تدين أي انحراف في المشاعر والميول (يو 12: 48) فكلمة الله لها قدرة على تمييز ما هو داخل النفس لأن كل شيء مكشوف أمامه في الخليقة. كلمة الله الآن هي للتعليم وللإنذار وللتقويم ولكنها هي نفسها التي سنقف أمامها عرايا في اليوم الأخير مكشوفي الضمائر والأفكار. ولكنها الآن هي سلاحنا الذي يسندنا في جهادنا للدخول إلى الراحة سواء الكلمة المكتوبة أم الكلمة المتجسد الذي يدخل إلى حياتنا الخفية، يعمل في القلب والحواس ويقدس كل أعضائنا مهيئًا إيانا بروحه القدوس لينطلق بنا إلى حضن أبيه.  هو الكاشف أسرارنا الداخلية وعارف بأعماقنا وقادر على تجديدها. وبكلمة الله المكتوبة ندخل للقاء المسيح المختفى وراء الحروف. فيالسعادة من ينقاد لكلمة الله ووصاياه ويتعلم من الإنجيل ويالشقاء من يقاوم. فلأن الله يعلم النيات فيستحيل أن يضمر الإنسان عدم طاعة لله والله لا يعلم.

حَيَّةٌ = كلمة الله لها قوة الحياة حينما نسمعها. فهي حية ومحيية (يو5: 24 + 6: 68) تقيم من موت الخطية (يو5: 25) بل هي تخرج من القبور (يو28:5، 29).

فَعَّالَةٌ = لها ثمر في حياة من يسمعها، هي تكشف للإنسان طبيعته وأعماقه وتظهر ما هو ردئ فيه، لذلك إرتعب فيلكس أمام كلمات بولس الرسول (أع24:24، 25) ومن ثم تقود النفس أسيرة لجلالها في طريق الفضيلة.

أمضى من كل سيف = الكلمة أمضى من أمضى سيف الذي هو ذو حدين.

 

لكلمة الله حدين:

الحد الأول :- يقطع به الله محبة الخطية من القلب وهذا يسميه الكتاب ختان القلب بالروح (رو 2: 29). وبهذا يولد الإنسان ولادة جديدة "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بط1: 23). وهذا ما قاله السيد المسيح "وأنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (يو15: 3). فكلمة الله حيَّة وقادرة أن تنقى وتحيى وتلد.

أما الحد الثاني :- فهو حد إدانة. فمن لا يتجاوب مع كلمة الله ويولد ثانية ويتنقى تدينه كلمة الله "فتب وإلا فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمى" (رؤ2: 16)، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير (يو12: 48). وأما من يهمل دراسة كلمة الله فهو يدفن وزنته وينطبق عليه "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو4: 6).

خارقة = تصل لكل ما هو خفي داخل النفس. إلى مفرق النفس والروح = من الأشياء المخفية أين تلتقي النفس مع الروح وأين يفترقان. ولكن كلمة الله تصل لهذا المفرق وتفصل بينهما للتطهير لتعد الإنسان للراحة العليا. فالإنسان لا يسهل علية أن يفرق بين ما هو للنفس وما هو للروح أما كلمة الله فتميز أفكار الإنسان بسهولة وتكشفها له. فهناك أشياء تبدو لنا أنها روحية ولكنها هي أصوات رغباتنا داخلنا. والجلوس أمام كلمة الله يكشف لنا هذا من ذاك.

المفاصل والمخاخ = أي ما هو ظاهر (المفاصل) وما هو خفي في الإنسان (المخاخ) فهناك سلوك ظاهر للإنسان، ولكن هناك أشياء باطنية خفية فيه تكشفها كلمة الله.

 

المصدر: موقع الانبا تكلا