عبرانيين 10: 2

وَإِلاَّ، أَفَمَا زَالَتْ تُقَدَّمُ؟ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْخَادِمِينَ، وَهُمْ مُطَهَّرُونَ مَرَّةً، لاَ يَكُونُ لَهُمْ أَيْضًا ضَمِيرُ خَطَايَا."

لنفهم الآية ننظر لها في ترجمة أخرى "الناموس لا يقدر أن يكمل الذين يتقدمون" (آية 1) وإلا أفما كان ينبغي أن يتوقف عن التقديم (لو كان قد حدث تكميل غفران) لأن الخادمين (العابدين) إن هم كانوا قد تطهروا مرة لما كان لهم ضمير (إحساس) بالخطايا" (آية2).

والمعنى أنه لو كانت للذبائح القوة لأن تكمل الناس فقد كان يجب أن يتوقف تكرار تقديم هذه الذبائح. إذ المفروض أن الشعب والكهنة قد حصلوا بواسطتها على التطهير والغفران، أي لا يكون لهم فيما بعد ضمائر ملوثة بالخطية لو أن هذه الذبائح الحيوانية كانت قد طهرتهم. هم كانوا يظنون أن التكرار سيأتي بالتطهير ولكن التطهير الحقيقي هو عمل داخلي يتم ليس بالأعمال الجسدية نهائيًا بل من الله (أف5: 26، 27).

وَإِلاَّ، أَفَمَا زَالَتْ = أي أن هذا أكبر دليل أن الناموس لم يستطع أن يكمل الذين يقدمون الذبائح. فتكرار الذبائح ليس له أثر روحي ثابت. فالخطية الساكنة فيَّ تجرح ضميري باستمرار وهي تصنع عداوة مع الله وانفصالًا عنه. فمهما تطهر الإنسان من خطايا فعلها سيبقى ضميره مجروحًا بسبب الخطية التي تسكن فيه أي ميله الطبيعي للخطية.

 

 

وماذا عن ذبيحة الإفخارستيا - هل فيها تكرار؟

 

الإفخارستيا ليست تكرارًا للذبيحة، بل الإفخارستيا هي نفسها ذبيحة الصليب. المسيح كاهن أبدى على طقس ملكي صادق "أقسم الرب ولن يندم. أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مز110 : 4). هو كاهن قدَّم نفسه ذبيحة دائمة على الصليب، وفي سر الإفخارستيا، فإن الكاهن الحقيقي هو المسيح الذي يقدم نفسه ذبيحة، والذي يُحَوِّل الخبز والخمر إلى ذبيحة المسيح الحية هو الروح القدس بصلوات الكاهن في القداس- وهي نفسها جسده الذي قدمه المسيح ذبيحة على الصليب ثم قام به بحياة أبدية، لذلك هي ذبيحة حية. لذلك رأى القديس يوحنا المسيح في رؤياه "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5 : 6). وبالإفخارستيا نثبت في المسيح. بالإفخارستيا نكمل، فمن ناحية فيها غفران للخطايا وحياة أبدية، ومن ناحية أخرى فيها ثبات في المسيح "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه" (يو6 : 56). ومن يثبت في المسيح يكمل "الذي ننادي به منذرين كل إنسان، ومعلمين كل إنسان، بكل حكمة، لكي نحضر كل إنسان كاملًا في المسيح يسوع" (كو1 : 28). وهذا الكمال لا يمكن أن يتم خارج الثبات في المسيح.

 

لذلك فإن الإفخارستيا ليست تكرارًا للذبيحة، بل هي سر أسسه الرب لنا للاستمرار ثابتين في جسد المسيح. فإن الخطية تفصلنا عن المسيح لذلك نحن محتاجين دائما لهذا السر لنظل متحدين به طالما ما زلنا في هذا الجسد. فلا يوجد من هو بلا خطية (1يو1 : 8)، والخطية هي موت، ولا يصح أن يستمر عضو ميت في جسد المسيح (في عالم الطب يبترون العضو المصاب بالغرغرينا، أي العضو الذي انقطع عنه الدم لفترة فمات، وبدأ في إفراز سموم قاتلة للجسم) وقبل أن يموت الجسد كله يبترون العضو. أما في جسد المسيح، فالله دبَّر حلًا للعضو الخاطئ وهو الإفخارستيا، وبها غفران للخطية وعودة للحياة الأبدية. بها يحيا العضو الخاطئ مرة أخرى ويظل ثابتا ومتحدا في جسد المسيح، فالله لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا. بينما فشل الطب في حل مشكلة العضو الذي مات (غرغرينا gangrene) فيبترونه، وجد الله لنا حلا إن أخطأنا بأن نظل ثابتين في جسد ابنه عن طريق الإفخارستيا، ومن هو في المسيح يُحسب كاملا.

 

 

المصدر: موقع الانبا تكلا