تفسير آباء الكنيسة لظهور النور قبل خِلْقَة الشمس

1) كيف علل الأباء هذا قديمًا:- علل توما الإكوينى (1225-1274) نور اليوم الأول بأنه نور الشمس التي لم تكن قد اتخذت هيأتها قبل اليوم الرابع للخليقة. وفسره ذهبي الفم (344-407) بأنه كان نور الشمس التي كانت في اليوم الأول عارية من الصورة وتصورت في اليوم الرابع. لكن الذين ينتقدون الكتاب المقدس يقولون أن الخطأ واضح، إذ كيف يخلق الله النور في اليوم الأول، ثم يخلق الشمس في اليوم الرابع. فمن أين جاء النور قبل خلقة الشمس. ويتضح سذاجة هذا السؤال الآن أو سوء نية السائل، بعد إكتشاف حجم الكون وملايين المجرات وبلايين الشموس والنجوم التي تنير كلٌ منها في مكانه. فالله خلق طريقة وجود النور في أماكن كثيرة من الكون قبل خلقة شمسنا نحن ببلايين السنين.

2) بدء ظهور النور على الأرض: كانت الأرض محاطة بغيوم كثيفة تحجز النور عنها وعندما بدأ ينقشع هذا الضباب بدأ النور يظهر. وكان هناك مناطق بها غيوم كثيفة حجزت النور أما المناطق التي انقشع عنها الضباب فصارت منيرة. هذا هو أول معنى لفصل النور عن الظلمة. وأيضًا بدأ ظهور النور حينما تكون الغبار حول الأرض الذي تنكسر عليه الأشعة فيظهر النور. هنا نقف أمام قول بولس الرسول "لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر" (عب 8:3).

3) والله فصل بين النور والظلمة: فإذا أشرق النور لا تصير هناك ظلمة. وبداءة كان هناك مناطق منيرة ومناطق مظلمة. ثم عين الله الشمس لهذا بعد أن أخذ كلا الشمس والأرض صورتهما النهائية، وإنقشع الضباب الكثيف وظهر غبار الهواء الذي تنكسر عليه أشعة الشمس فيظهر النور. فبشروقها يكون نور وبغروبها يكون ظلام وهذا ناشئ عن دوران الأرض والشمس.

4) وروحيًّا فصل الله بين الملائكة الذين إختاروا النور والشيطان الذي اختار الظلمة، وصار سلطان الظلمة (لو22: 53) وطرد الشيطان من السماء وبقى الملائكة .

5) ولاحظ أن الله نور، والنور هو طبيعة الله. فهناك إذًا نور الخالق، ولكن هناك النور المخلوق وهو شيء آخر. النور المخلوق هو ما نراه بعيوننا الآن، أما الله فنوره ومجده محتجبان عن عيوننا. إلا أننا في السماء سنرى نور الله ولن نحتاج للنور المخلوق كالشمس مثلا (رؤ22 : 5). والله خلق النور أو قل المادة المنيرة قبل خلقة شمسنا ربما ببلايين السنين. ثم خلق شمسنا.

6) وقبل خلقة النور كان هناك ظلمة (إكتشفوا في تسعينيات القرن العشرين أن هناك ما يسمى المادة المظلمة وهي تمثل 99.73% من العالم. بينما ما يراه العلماء بتليسكوباتهم هو مجرد .27% فقط من الكون وهو الجزء المضيء. [راجع شرح الآية (أى38 : 19)]. أي أنه ما زال حتى الآن معظم الكون مادة مظلمة.

7) والله كانت أول أعماله خلقة النور لنرى نحن أعماله فنسبحه كما تسبحه ملائكته. والنور هو بكر خلائق الله. لأن الله نور (1ي1 : 5). والإبن (المسيح) الخالق، الذي "به كان كل شئ" هو النور الحقيقى (يو1 : 9)، وهو نور العالم (يو8 : 12).. والعكس هو الشيطان سلطان الظلمة الذي أعماله تكون ليلًا حيث يسرق وينهب أما الله فأعماله في النور فكلها حب وعطاء وكلها حسن وجميل.

 المصدر: موقع الانبا تكلا