المؤمنون وصلاتهم من أجل إخوتهم

 "إن رأى أحد أخاه يخطئ ليست للموت، يطلب فيعطيه حياة للذين يخطئون ليس للموت. توجد خطية للموت. ليس لأجل هذه أقول أن يطلب" 1 يوحنا 5: 16

يقول القديس أغسطينوس:

[واضح هنا أن هناك إخوة لا نصلي من أجلهم مع أن ربنا يوصينا أن نصلي حتى من أجل الذين يضطهدوننا. فخطية الأخ هنا أشر من كل خطية المضطهد لنا. وواضح أن كلمة "أخ" هنا تعني الإنسان المسيحي كما في 1 كو 7: 14-15... إنني أفترض أن خطية الموت هنا هي مقاومة الإنسان للحب الأخوي وامتلاء قلبه بالكراهية ضد النعمة التي بها تصالحنا مع اللَّه بعدما تعرفنا على اللَّه بنعمة ربنا يسوع المسيح. (أي مقاوم في داخل الكنيسة فيفقدهم نعمة الرب).

أما الخطية التي ليست للموت فهي ألا يقوم الإنسان بواجبات الحب الأخوي عن ضعف في الروح...

ونلاحظ أن الرسول بولس لم يصلِ من أجل إسكندر (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وأحسب أن السبب هو أنه كان مسيحيًا أخطأ خطية الموت، إي كان مقاومًا لشركة الروح بالبغضة... إذ يقول "إسكندر النحاس أظهر شرورًا كثيرة ليجازه الرب حسب أعماله، فاحتفظ منه أنت أيضًا لأنه قاوم أقوالنا جدًا" (2 تي 4: 15). أما الذين يصلي من أجلهم فيقول عنهم "في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي بل الجميع تركوني. لا يحسب عليهم" (2 تي 4: 16).]

ولعله لهذا السبب كانت الكنيسة تصلي ضد المبتدعين المصرين على عدم التوبة ليس انتقامًا لأنها كعريسها لا تحب الانتقام، إنما خوفًا على أولادها البسطاء الذين يخدعهم هؤلاء المبتدعين أمثال أريوس ونسطور...

ويرى تقليد الآباء اليونان أن الخطية التي للموت هي التي يصر عليها مرتكبيها بغير توبة. لهذا لا تصلي الكنيسة من أجل المنتحرين لأنهم أصروا على يأسهم إلى النهاية.

هذا ونلاحظ أن الرسول لم يأمر بعدم الصلاة من أجل الذين يخطئون خطية الموت إنما لم يطلب منهم أن يصلوا، تاركًا للمؤمن الأمر.

"كل إثم هو خطية، وتوجد خطية ليست للموت" [17].

كلمة "إثم" كما جاءت في اليونانية تعني اعتداء الإنسان على حق الغير، وكلمة "خطية" تعني مخالفة إرادة اللَّه ووصاياه. فكل اعتداء على حق الآخرين هو خطية لأنها تخالف إرادة اللَّه، إذ يريد الحب بيننا.

ولكن هناك خطايا ليست للموت، ليس لأن طبيعتها هكذا، لكن لصدورها عن ضعف بغير إرادة أو عن جهل رغم توبتنا المستمرة. وهذه الخطايا ليست غير ملومة، ولا تعني أننا لا نتوب عنها. لهذا في كل يوم نصلي قائلين: "واغفر لنا ذنوبنا".